فارسي
english
أحفاد يوسف

قال ربنا في أوائل قصة يوسف: {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ } ، فافتتح القصة بالبيع والشراء ، ثم بين الله حمته باقتصاد أهل مصر بأن ألقى على ملكهم رؤيا منام تُحذره من نكبة اقتصادية ، ثم امتن الله عليهم بتعبير يوسف عليه السلام ، فرسم لهم يوسف خطة اقتصادية تمتد لخمس عشرة سنة ( قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ) هذه الخطة الاقتصادية المحكمة أنقذت البلاد ، ورفعت اقتصادها ، وجعلت مصر ملاذاً للمحتاجين من سائر البلدان ، فجاء إخوة يوسف من الشام يطلبون الميرة والطعام ، وازدحمت مصر بطلاب الحاجات ، واستوعبتهم .

قال سعيد بن هلال: إن مصر أم البلاد وغوث العباد .. إن مصر مصورة في كتب الأوائل وقد مدت إليها سائر المدن يدها تستطعمها وذلك لأن خيراتها كانت تفيض على تلك البلاد .

وقال الجاحظ: إن أهل مصر يستغنون بما فيها من خيرات عن كل بلد حتى لو ضُرب بينها وبين بلاد الدنيا بسور ما ضرهم .

وقد مُسحت أرض مصر أيام ولاية هشام بن عبد الملك فوجدوا أن ما يصله الماء منها مائة مليون فدان، ومسح أحمد بن المدبر أرض مصر فوجد أن ما يصلح منها للزرع 24 مليون فدان سوى ما تلف أو غلبت عليه الصحراء .

يا أهلي بمصر ، إن التخطيط الصحيح للاقتصاد ، والحرص على نفع العباد ، والشعور بالجسد الواحد ، والتعاون على حفظ مقدرات الدولة وثرواتها ، هو سنة أبيكم يوسف عليه السلام ( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ) ..

والعجب أن يوسف عليه السلام نسي ما لقيه من سجن وأذى ، ولم يتعامل مع الدولة تعامل الحاقد عليها ، الراغب في الانتقام منها ، ولكن هضم حق نفسه ، وبدأ صفحة جديدة ، مع المجتمع كله ، حتى مع العزيز وزوجته .. وكأنك تسمعه يقول لمن يلقونه {ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} .. نعم أنتم شركاء في الوطن ..